الشحاذة وأنا
انت في الصفحة 1 من صفحتين
في ذلك اليوم لم أكن ناضجا بشكل كاف يمكنني من اكتشاف خدعة تلك الشحاذة التي أخبرتني أن أمي تبحث عني وتريدني على الفور وقد كلفتها بالقيام بذلك.
حينها كنت في السابعة من عمري أستقل قطار الشمال مع أختي التوأم ووالدتي الأرملة التي ټوفي عنها زوجها وهي بريعان شبابها.
لم تكن أمي قوية بالقدر المطلوب لتقف بمواجهة عمي الوحيد الذي قرر الاستيلاء الكامل على إرث أخيه بما فيه زوجته وأبناءه ولم تكن لتتحمل ذلك خاصة بعد أن هددتها زوجة عمي بإحراق وجهها إن وافقت على الزواج منه.
لم تكن أمي لتجازف بالبقاء في الريف فلم يكن الكوخ الخشبي الذي طردنا منه عمي يستحق المجازفة!
في فجر ذلك اليوم لملمت أمي حاجياتها واتجهت بنا إلى المحطة سنستقل القطار المتجه للعاصمة بالتأكيد العاصمة تتسع لأحزان ثلاثة أفراد آخرين..!
جلست أمي على حقيبة ملابسنا وأمسكت بصورة فوتغرافية قديمة تجمعنا بأبي لم نكن لنهتم بالدموع التي تذرفها أمي وهي تحملق بتفاصيل الصورة الصغيرة لكن شجاري مع أختي جذبها من بئر ذكرياتها كل منا يريد أن يستحوذ على الصورة لأننا قد اشتقنا لأبي وبعد شد وجذب منا قسمت الصورة إلى نصفين!
وتعالى صړاخ الغبية الصغيرة التي لم تكن لتهدأ لأن وجه أبي لم يعد واضحا فقد انشطر إلى نصفين حاولت أمي إسكاتها لكنها لم تفلح فذهبت لتشتري لها الحلوى من بائعي المحطة بعد أن أوصتنا بالانتباه للحقائب حتى تعود.
بعد دقائق ظهرت تلك المرأة التي أخبرتني أن أمي تبحث عني وتريدني كي أصحبها إلى هنا بعد أن كسرت قدمها وهي تشتري لنا الحلوى.
لم أكن لأرحل قبل أن أقبل أختي وأسترضيها بعد أن تعالى بكاؤها لعلمها بما حدث لأمي وحتى أثبت لها أنني رجل صغير منحتها نصف الصورة المنشطرة لكنها ربتت على ظهري بكفيها الصغيرتين وجففت دموعها بطرف فستانها ثم صممت أن تمنحني النصفين كاملين وكاد الحديث أن يطول بيننا فتدخلت الشحاذة قائلة ليحتفظ كل منكم بنصفه وهيا لنلحق بأمك قبل أن يأتي القطار!
كانت هذه هي المرة الأخيرة التي أرى فيها أختي لازلت أذكر